اهم المقالاتمقالات واراء

بين هتلر والخميني

احجز مساحتك الاعلانية

نشأ كلاهما يتيماً، الأول أسس دكتاتورية نازية قادت إلى حرب عالمية، والثاني أسس ديكتاتورية دينية، قادت إلى حروب إقليمية.

هتلر كان واحداً من المحاربين القدامى الذين تقلدوا الأوسمة تقديراً لجهودهم في الحرب العالمية الأولى، والخميني كان واحداً من الدجالين القدامى، الذين عاصروا الدولة القاجارية، ثم الدولة البهلوية، قبل أن ينقلب لاحقاً عليها، ويؤسس عهد الدولة الدينية الثيوقراطية في إيران الحديثة.

من باريس فاتحاً، انطلق هتلر إلى الرايخ الثالث، ومن باريس لاجئاً، انطلق الخميني إلى عرش الطاووس.

هتلر كان نمساوياً ثم ألمانياً، والخميني كان هندياً ثم إيرانياً!

ولكن، هل يصح أن نعقد مقارنة، بين شخصيتين مختلفتين؟!

قد يكون الطموح السياسي، وروح القيادة، عاملاً مشتركاً بين الرجلين، إلا أن هناك جملة من التقاطعات، في الظروف السياسية والاجتماعية، والتي هيأت بدورها لوصول الشخصيتين للحكم، ومن ثم الزعامة الديكتاتورية المطلقة.

كانت ألمانيا عقب الحرب العالمية الأولى ترزح تحت وطأة معاهدة فرساي، والتي كبلت اقتصاد ألمانيا، وفرضت عليها شروطاً مذلة، وارتفعت نسب البطالة والفقر والقهر، لاحقاً، استغل هتلر هذه المعاهدة لصالحه، ووعد بإلغائها، وبتحرير ألمانيا من كل قيودها.

في الحقيقة، كان الشعب الألماني، بحاجة لهذا النداء؛ حيث انساق وراء هتلر، إلى الحرب بدون تفكير.

في إيران الشاه، لم تكن هناك معاهدة فرساي، بل كان غرور الشاه، وغطرسة الشاه. كان الشاه ينفق بلا حساب، ويقمع بلا حساب، ويقيم الحفلات الباذخة والأسطورية بلا حساب أيضاً، وهذا كله كان على حساب الشعب، الذي أصبح فقيراً ومعدماً. وكما الشعب الألماني، كان الشعب الإيراني، بحاجة لمخلص، وظهر الخميني، وقدم الوعود والاغراءات، والنداء الذي تحتاجه الأمة، لم يكن الخميني هنا كهتلر، عصامياً مخلصاً لفكرته منذ البداية، بل كان انتهازياً متقلباً منذ البداية.

في كتابه، كشف الأسرار، كتب الخميني قائلاً: “لم يعارض رجال الدين في إيران، نظام الدولة إطلاقاً، ولا يعارضون نظام الحكم، حتى لو اعتبروه نظاماً جائراً”! وأضاف: “لم يقل أي فقيه: بأننا ملوك، أو أن الملك من حقنا”.

وفي قضية الانقلاب ضد محمد مصدق عام 1953 اصطف الخميني بجانب كاشاني، وبلاط الشاه، في جبهة واحدة، ضد محمد مصدق، زعيم الحركة الوطنية الإيرانية!

في الحقيقة، كان الشعب الإيراني في نضاله ضد الشاه متقدماً على رجال الدين. والمعارضة وحركة الشارع، لم يؤسسهما الخميني إطلاقاً.

كان الشاه، شرطي أمريكا المخلص في الخليج، لكنه استنفد كل طاقاته، وبدأ رصيده الشعبي يتآكل، وكان على الولايات المتحدة أن تبحث عن شاهٍ جديد، حتى وإن كان بعباءة دينية!

وعلى عكس هتلر هذه المرة، فقد ساهمت الولايات المتحدة في قدوم الخميني وسقوط الشاه!

غداة ختام مؤتمر غوادلوب (عقد المؤتمر قبل شهر من قيام الثورة في إيران) بين الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا الغربية، في كانون الثاني (يناير) من عام 1979، تلقى الخميني، في منفاه في باريس، رسالة من أحد مبعوثي الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، كان فحواها: “إنَّ الشاه سيغادر إيران حتماً، وعلى الخميني أن يحتوي الانتفاضة والثورة، بأي طريقة كانت”. لاحقاً، قال الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان (في الرئاسة 1974 – 1981): “إن الدولة الوحيدة التي قرعت جرس نهاية حكم الشاه هي أمريكا”!

وهكذا، تستمر التقاطعات والتشابهات في أقدار الرجلين، وإن اختلفت النهايات، فبقطار غربي رحل هتلر، وبقطار غربي قدم الخميني، ليؤسس لعهد الحرب والدماء والدمار، ولشرق أوسط جديد، أراده المستعمر القديم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى